التعرف على علامات إدمان الأدوية الموصوفة

Recognising the signs of prescription drug addiction
Author: Claudia M. Elsig, MD

يأخذ الناس الأدوية الموصوفة لأسباب صحية مشروعة بحسن نية، ونحن نثق في فعاليتها، فلماذا نقلق بشأن الإدمان؟ فإن الأدوية الموصوفة ليست مخدرات في الشوارع بعد كل شيء، أليس كذلك؟

يرفض معظم الناس فكرة احتمالية حدوث الإدمان عندهم، ويظنون خطأًً أن تحولك إلى مدمن يعود إلى مبادئ أخلاقية.

لا يفهم الكثيرون مخاطر الأدوية الموصوفة ولا يدركون طبيعتها الإدمانية تمامًا للأسف. يُعد إدمان الأدوية الطبية مصدر قلق متزايد في جميع أنحاء العالم، وينزلق عدد كبير من الأشخاص إلى الاعتماد الجسدي دون أن يدركوا حدوث ذلك.

إن التعرف المبكر على علامات إدمان الأدوية الموصوفة قد يحدث فرقًا في طلب المساعدة وتحقيق التعافي ومنع حدوث مشكلة أكثر خطورة. تشرح هذه المدونة كيفية حدوث الإدمان على الأدوية الطبية وكيفية التعرف على علاماته لديك أو لدى أحد أفراد أسرتك.

ما هي أنواع الأدوية التي يمكن أن تسبب الإدمان؟

بعض الأدوية الموصوفة، مثل المواد الأفيونية (مسكنات الألم)، والبنزوديازيبينات (المركنات أو المهدئات)، والمنشطات، هي أكثر أنواع الأدوية شيوعًا في حدوث الإدمان.

غالبًا ما توصف أنواع الأدوية هذه من قبل المتخصصين الطبيين لمدة قصيرة بهدف تخفيف الألم بعد وقوع حادث أو إصابة أو عملية جراحية أو للمساعدة في حل المشكلات الصحية والحالات الطبية الأخرى، مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

كيف يحدث إدمان الأدوية الموصوفة؟

بعض الأدوية يمكن أن تسبب الشعور بالسكينة أو النشوة وتُحسن المزاج. تشعرك أنواع مخدرات معينة بالارتياح من خلال تنشيط مركز المكافأة في الدماغ مما قد يخلق رغبةً قويةً في تكرارها.

كما قد يزيد تحمل الأدوية كلما طالت فترة أخذ الشخص لها. فيصبح هناك حاجة إلى جرعات أعلى للحصول على نفس التأثير مع مرور الوقت، وقد يعاني الشخص من أعراض الانسحاب إذا خفض الجرعة أو توقف عن أخذ الدواء فجأة. يحتاج الشخص غالبًا إلى جرعات أكبر من الدواء ليشعر بأنه طبيعي، وبالتالي ينشأ الاعتماد الجسدي.

وفقًا للإحصاءات في الولايات المتحدة، فإن أكثر ما يجري تعاطي الأدوية الطبية هو بين الأشخاص المتراوحة أعمارهم بين 18 إلى 25 عامًا. ويمكن وفي الوقت نفسه أن يكون المرضى المسنين الذين يأخذون الأدوية أكثر عرضةً لخطر تطور الإدمان بسبب عدد الأدوية التي يأخذونها لأسباب صحية وتنوعها.¹

لا توجد طريقة لمعرفة من سيصبح مدمنًا على الأدوية الموصوفة، فقد يأخذ أحدهم الأدوية الطبية دون أن يعاني من أي مشاكل، في حين قد يصبح الآخرين مدمنين عليها بسرعة. الشيء المهم الذي يجب معرفته هو أن الاستخدام العادي يمكن أن يتحول إلى قهرٍ بسرعة كبيرة.

الإدمان مرض معقد وهناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تمنعه، فقد يكون بعض الأشخاص أكثر عرضةً للإدمان مثلًا، خاصة إذا كان هناك سوابق عائلية له.

يمكن لأي شخص مصاب بمرض عقلي أيضًا، مثل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة، أن يصبح مدمنًا بسهولة على الأدوية الموصوفة له للمساعدة في حالته.

عادةً ما يكون السبب في مثل هذه الحالات هو أن الأدوية تخفف الضيق وتمنع الألم العاطفي. قد يكون الاستمرار في تناول هذه الأدوية بالنسبة للأشخاص مغريًا حتى عندما لا يعودون بحاجة إليها. تُشير المعطيات الوبائية والسريرية إلى زيادة الإمراضية المشتركة بين الاكتئاب والاعتماد الدوائي.²

سحب الدواء الموصوف لفترة طويلة

غالبًا ما يكون وصف الدواء لفترة طويلة ضروريًا لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية وعقلية معقدة. لا يحدث الاعتماد الدوائي بالمعنى التقليدي للإدمان في هذه الحالات، لكن كشفت الدراسات التي أجريت على تقليل عدد الجرعات أو التوقف عن أخذ الأدوية النفسية أو استبدالها عن حدوث متلازمة الانسحاب.³ 

يمكن أن يؤدي التوقف المفاجئ عن تناول الأدوية المضادة للاكتئاب على سبيل المثال إلى ظهور أعراض شبيهة بالإنفلونزا، والأرق، والغثيان، واختلال التوازن، واضطرابات حسية، وفرط التيقظ.4

ما هي العلامات الجسدية لإدمان الأدوية الموصوفة؟

قد يكون من الصعب اكتشاف الإدمان على الأدوية الموصوفة فلا يوجد أوًلا شيء واضح للعيان على الشخص الذي يأخذ الأدوية الموصوفة له، ومن السهل ثانيًا الخلط بين علامات الإدمان والحالة الصحية للشخص أو اعتبارها آثارًا جانبية للأدوية.

ومع ذلك، هناك بعض الإشارات الجسدية الشائعة التي يجب الانتباه إليها وتتضمن:

زيادة التحمل

يمكن أن تكون  الحاجة إلى جرعات أعلى من الدواء لتحقيق نفس التأثير/الراحة علامةً مبكرةً على الإدمان، خاصة إذا قام الشخص بزيادة الجرعة دون استشارة الطبيب.

أعراض الانسحاب

أعراض مثل الغثيان والإقياء، وأوجاع وآلام في العضلات والمفاصل، والدوار وفقدان الشهية، والتعرق الزائد، وارتفاع كل من معدل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة الحرارة، والأرق، والرُعاش يمكن أن تشير إلى حدوث انسحاب دوائي.

من المحتمل أن تظهر مجموعة من بعض هذه الأعراض الجسدية أو جميعها في حال تخفيض جرعة الدواء بشدة أو إيقافه تمامًا في حالة الإدمان.

تغيرات في المظهر الجسدي

يمكن أن يؤثر سوء استخدام المخدرات، بما فيها الأدوية الموصوفة، على المظهر الجسدي بطرق خفية وجذرية، حيث يمكن أن يؤثر على الجلد بظهور بقع داكنة وآفات، وبقع وحب الشباب، والجفاف والطفح وما إلى ذلك.

من الممكن أن تتغير البنية الفيزيائية للشعر عن طريق الأدوية، مما يجعله باهتًا وضعيفًا وتالفًا، يمكن أن تنشأ مشاكل في الأسنان أيضًا، فقد يؤدي القلق المتزايد، وهو أحد الآثار الجانبية الفيزيولوجية لإدمان الأدوية الموصوفة إلى قيام الأشخاص بكز أسنانهم، مما قد يؤدي بدوره إلى حدوث بعض مشاكل الأسنان.

يمكن أن يشير احمرار العينين وتوسع حجم الحدقة أو صغرها أيضًا إلى إساءة استعمال الأدوية.

كما قد لا يولي الشخص الذي يعاني من مشاكل الإدمان الكثير من الاهتمام للعناية الشخصية.

مشاكل صحية أخرى

عندما يصبح الشخص معتمدًا على الدواء، يمكن أن يؤثر ذلك على الأداء الطبيعي للجسم. العديد من الأدوية التقليدية سامة للجسم إذا أُخذت بكميات زائدة أو على مدى فترة طويلة.

تؤثر الأدوية المختلفة على الجسم بطرق مختلفة. يمكن أن تؤثر الأدوية الموصوفة على مختلف الأعضاء الرئيسية مؤدية إلى مشاكل صحية أخرى في الجهاز القلبي الوعائي والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والجهاز التناسلي. تشير مؤسسة الكلى الوطنية الأمريكية على سبيل المثال إلى أن الآلاف من الأميركيين قد ألحقوا الضرر بكِلاهِم بسبب استخدام الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية بانتظام لفترة طويلة.⁵

تشمل الأعراض الجسدية الأخرى التي يجب الانتباه إليها وتلاحظ على نحو شائع لدى الأفراد الذين يعانون من إدمان الأدوية الموصوفة ما يلي:

  • الصداع
  • الإمساك
  • مشاكل في المعدة
  • خفقان القلب
  • ارتفاع درجة حرارة الجسم
  • تلعثم الكلام
  • الدوار ومشاكل في التنسيق

ما هي العلامات السلوكية لإدمان الأدوية الموصوفة؟

يمكن أن تؤثر المخدرات على الجهاز العصبي المركزي للجسم وعلى الطريقة التي يفكر بها الشخص ويشعر ويتصرف. تشمل السلوكيات الشائعة الملاحظة لدى الأشخاص المدمنين على الأدوية الموصوفة ما يلي:

تغيير الطبيب بصفة متكررة

تُعد زيارة عدة أطباء أمرًا شائعًا عندما يكون الشخص مدمنًا على الأدوية الموصوفة لأنه سيحاول الحصول على المزيد من الوصفات الطبية. قد يلجأ الشخص أيضًا إلى استعارة الأدوية من أشخاص آخرين (مثل الأصدقاء والعائلة) أو قد يشتري الأدوية من مصدر غير رسمي عبر الإنترنت.

زيادة جرعة الأدوية وتكرارها

قد يبدأ الشخص بتناول جرعات أعلى من الأدوية الموصوفة له. ومن المُقلق خصوصًا قيام الشخص بذلك دون استشارة الطبيب.

الانسحاب الاجتماعي

إن الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي استمتعت بها سابقًا، وإلغاء الارتباطات الاجتماعية بصفة متكررة والعزلة، هي تغييرات سلوكية مهمة قد تشير إلى الإدمان.

إهمال المسؤوليات

يمكن أن يكون الفشل في الوفاء بالتزاماتك في المدرسة أو الكلية أو العمل أو المنزل مؤشرًا قويًا على الإدمان، وقد يشمل ذلك تخطي الالتزامات الاجتماعية، أو التغيب عن العمل، أو حدوث تغير سلبي في أداء العمل أو الدراسة، أو إهمال الواجبات المنزلية.

سلوكيات محفوفة بالمخاطر

إن استخدام الأدوية الموصوفة بطريقة غير مقصودة من قبل واصف الدواء (مثل تغيير الجرعة أو طريقة الاستخدام على سبيل المثال) قد يشير إلى الإدمان. يُعد خلط الأدوية الموصوفة بالكحول ثم القيادة أحد السلوكيات المحفوفة بالمخاطر التي عادة ما يظهرها الأشخاص المدمنون.

الكذب

يكذب بعض الأشخاص بشأن هذه المشكلة لإخفاء الإدمان، وقد يقومون بتخزين الأدوية الموصوفة في أماكن مختلفة داخل المنزل، وربما يشعرون بالخجل من هذا الأمر، لكن أسهل طريقة لهم لمواجهة ذلك هي الكذب بشأن ما يحدث.

تذكر دائمًا أن هذا مؤشر على المعاناة، فقد يكون من الصعب أن نفهم كيف يمكن لشخص كان صادقًا في السابق أن يصبح عالقًا في شبكة من الأكاذيب.

قد يختلق الشخص أعراضً مبهمةً أيضًا لمحاولة الحصول على المزيد من الأدوية من طبيبه.

ما هي العلامات النفسية لإدمان الأدوية الموصوفة؟

الإنكار

يعد إنكار مدى تعاطي الدواء المخدر أو التقليل من أهمية ذلك أمرًا شائعًا لدى أولئك الذين يعانون من الإدمان على الرغم من وجود أدلة واضحة على عكس ذلك. الإنكار هو آلية دفاع نفسية، ومن الشائع أن لا يرغب الشخص باعترافه بالمشكلة حتى يبدو مقنعًا جدًا في إنكاره.

تقلبات المزاج والانفعالات العاطفية

أسباب تقلبات المزاج عديدة، لكن قد تكون علامة على معاناة الشخص من الإدمان. يجب الانتباه إلى التغيرات المفاجئة والواضحة في مزاج الشخص.

يمكن لبعض الأدوية أن تغير المزاج، كما قد يؤدي الانسحاب أيضًا إلى تقلبات مزاجية. سوف يرغب الشخص المدمن في البحث باستمرار عن الراحة أو النشوة التي يشعر بها من أدويته، وقد يصبح عدائيًا، أو متقلبًا، أو مضطربًا أو قلقًا عندما لا يحصل عليها.

التفكير الوسواسي

قد يجد الأشخاص المعتمدين على الأدوية أن نظامهم الدوائي أصبح أكثر أهمية من الأنشطة الأخرى في حياتهم.

طلب المساعدة لعلاج إدمان المخدرات الموصوفة في كالدا

إن الإدمان على الأدوية الموصوفة، تمامًا مثل الإدمان على الكحول أو المواد غير القانونية، يمكن أن يدمر العلاقات ويمزق العائلات.

الخطوة الأولى على طريق التعافي هي الاعتراف بوجود مشكلة. يُنصح بطلب المساعدة من أحد المتخصصين لضمان تدبير أعراض الانسحاب بعناية ومنع الانتكاس ومعالجة الجوانب السلوكية لإدمان المخدرات معالجةً مناسبةً.

ندرك في كالدا أن السلوك الإدماني لا علاقة له بضعف الشخصية أو عدم الانضباط، فالإدمان على الأدوية الموصوفة أو الاعتماد عليها هو شغف قوي لمادة معينة لا يمكن السيطرة عليه يرتبط بالرضا المؤقت أو الراحة أو تثبيط المشاعر السلبية العميقة.

نحن نستخدم نهجًا متعدد الوسائط في علاج الاعتماد. يُستخدم التشخيص الدقيق لتحديد أي اختلالات كيميائية كامنة، ونعالجها من خلال التغذية والمكملات الغذائية.

تشترك الاضطرابات الإدمانية في 70 بالمائة من جميع الحالات مع اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب التكيف، لذلك نعالج هذا الجانب من خلال الطب النفسي والعلاج النفسي.

لمعرفة المزيد عن برامجنا، يرجى التواصل معنا. سنزودك بالمعلومات ونشرح لك الخطوات التالية بكل سرور.

المراجع/المصادر

  1. المركز الوطني لإحصاءات تعاطي المخدرات. إحصاءات تعاطي الأدوية الموصوفة طبيًا. [وُصل إليه عبر الإنترنت في 10 يونيو 2024].
  2. ماركو إيه، كوستن تي آر، وكوب جي إف. التشابهات العصبية الحيوية في الاكتئاب والاعتماد الدوائي: فرضية التداوي الذاتي. نيورو سايكو فارماكولوجي. 1998 مارس;18(3):135-74.
  3. توندو إل، آند بالديساريني آر جيه. التوقف عن العلاج بالأدوية النفسية. فتح بي جيه سايك أوبين. 2020 19 فبراير;6(2):ه24.
  4. غابرييل إم، آند شارما في. متلازمة التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب. سي إم إيه جيه. 2017 مايو 29;189(21):E747.
  5. مؤسسة الكلى الوطنية. ما هي الأدوية الضارة بكليتيك؟ [وُصل إليه عبر الإنترنت في 10 يونيو 2024]